حي بن يقظان ~ ابن طفيل......
حي بن يقظان هي تحفة فنية تغوص في أعماق الفكر والفلسفة حيث يقدم ابن طفيل حكاية فلسفية حول الإنسان وعلاقته بالكون، من خلال التأمل والتفكير للوصل إلى استنتاجات والحقائق الموجود به. فحي بن يقظان شخص قد نشأ وحيداً في جزيرة خالية من البشر بعد أن وضعته أمه في قارب صغير وصل به إلى تلك الجزيرة. نشأ الفتى في الجزيرة بعد أن عثرت عليه ظبية أرضعته واعتنت به حتى كبر الفتى ويلقى نفسه أمام موقف موت الظبية تلك التي كان يعتقد بأنها أمه، فيقرر أن يشق بطنها ويحاول إيجاد المرض أو العلة التي جعلتها تفقد جميع حواسها.
ومن هنا ينطلق بن يقظان في رحلة البحث عن الوجود والأشياء فيبدأ من خلال الملاحظة بأنه ليس هناك شيء ثابت وكل الأشياء تتغير، فيذهب بعقله ليفكر كيف بأن صفة التغير موجودة في كل الموجودات من حوله فلابد من وجود ثابت مسؤول عن ذلك التغير
حي بن يقظان رواية ترمز للإنسان، وعلاقته بالكون والدين، واحتوت مضامين فلسفية، وشارك في تأليفها عدة أشخاص من الأدباء العرب والمسلمين فكان أول مؤلف لقصة حي بن يقظان هو الفيلسوف "ابن سينا"، وكتبها أثناء سجنه، ثم أعاد بناءها الشيخ" شهاب الدين السهروردي"، وبعدها أعاد كتابتها الفيلسوف الأندلسي" ابن طفيل"، ثم كانت آخر رواية للقصة من قبل" ابن النفيس" الذي تنبه إلى بعض المضامين الأصلية الخاصة برواية ابن سينا، والتي لم تكن توافق مذهبه، فأعاد صياغتها لتكون رواية حي بن يقظان عن صالح بن كامل.
إن أشهر مؤلف من بين هؤلاء الأربعة التصقت القصة باسمه هو ابن طفيل. وقد كان لهذه الرواية أثر كبير لدى (جون لوك) الفيلسوف الإنجليزي، الذي كتب كتاباً يصف فيه العقل كصفحة بيضاء خالية من كل القواعد والمعوقات الموروثة.
وكذلك نشرت دورية (المراسلات الفلسفية للجمعية الملكية) مراجعة ممتازة تمتدح كتاب (حي بن يقظان) المترجم، فكانت هذه الرواية هي الأساس لعديد من روائع الفكر والأدب العالمي مثل كتاب (عقيدة القس من جبل السافوا) للفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو، وكذلك نجد الأحداث المشتركة واضحة بينها وبين رواية (روبنسون كروزو) للكاتب دانييل ديفو، وقصة ماوكلي فتى الأدغال وشخصية طرزان التي تتحدث معظمها عن سلوك الإنسان عندما يجبر على العيش في بيئة منعزلة وحده.