روى الأصمعي أن الخليفة هارون الرشيد صنعَ طعاماً وزخرفَ المائدة ، وأحضر الشاعر أبا العتاهية وقال له : صف لنا ما نحن فيه من نعيم هذه الدنيا..
فقال أبو العتاهية :
عِشْ ما بَدَا لَكَ سالماً
في ظِلِّ شاهِقَةِ القُصورِ
فقال الرشيد: أحسنت.. ثم ماذا..؟
فقال أبو العتاهية :
يُسعَى عليكَ بما اشتهيتَ
لَدَى الرَّواحِ أَو البكورِ
فقال الرشيد: حسن.. ثم ماذا..؟ فقال أبو العتاهية :
فإنْ النُّفوسُ تَقَعْقَعَتْ
في ظِلِّ حَشرجَةِ الصُّدورِ
فهناكَ تَعْلَمُ مُوقِناً
ما كنتَ إلاَّ في غُرورِ
فبكى الرشيد.. فقال الفضل بن يحيى مخاطباً الشاعر :
بعث إليك أمير المؤمنين لتَسُرَّه فأحزنته..
فقال الرشيد : دعه فإنه رآنا في عمىً فكَرِهَ أن يَزِيدَنَا مِنْهُ..
البداية والنهاية / ابن كثير